ميكروباصات مصر لازم تخش موسوعة جيبس و تبقى من عجائب الدنيا السبع و طالما الاهرمات طلعت من المنافسة يبقى الميكروباصات اوله , لو مركبتش ميكروباص في مصر يبقى أنت أكيد مش في مصر لانك لازم تشرب من نيلها و تركب ميكروباصتها و أنا من واقع خبرتي الطويله و المناضله في ركوب الميكروباص من أجل الحصول على كرسي فاضي و توصيله لمشواري العزيز قرارت أنقل اليكم مواقفي الطريفة و الظريفه و خبراتي مع الميكروباص .

الأحد، 29 سبتمبر 2013

من الكُتاب الى مكتب الإرشاد



اعضاء مكتب إرشاد الجماعة من كليتي الطب و الهندسة وقليلاً من كلية العلوم ،فقد كان قوام مكتب الارشاد يتكون من المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع طبيب بطيري ،ونائبية محمود عزت طبيب بشري ،والاخر  خيرت الشاطر  وهو مهندس ومن الطب عصام العريان ومحمود غزلان ومحمد البلتاجي ،ومن الهندسة رشاد بيومي وأبو العلا ماضي ،الى أخر قوام مكتب الارشاد مما يحمله من ترتيبات ومناصب جيمعهم حاملي شهادتي الطب و الهندسة الا من رحم ربي ودخل علوم ونادراً حقوق.
من الغريب أن يكون الدكتور محمد مرسي المعزول دكتوراً جامعياً مسئول عن تخريج الالف من المهندسين كل عام، لا أعلم كيف حال الطلاب الآن في سوق العمل ،وقد قال لي أحداً اثناء حديثنا عن طريقة خطابات مرسي عندما كان في الحكم ،أنه لم يكن يحضر له أحداً في محاضراته داخل جامعة الزقازيق غير الطلبة التي أتجهت الى التيار الإخواني في الجامعة. لذلك اذا استعرضنا نشأت محمد مرسي وقيادات الإخوان والطلبة التي كانت تحضر لمحمد مرسي في الجامعة سنجد أن.
نشأت أغلب القيادات الإخوانية في القرى الفقيرة والريف ،وقد تربوا على نظام الكتاتيب وحفظ القرأن منذ الصغر ،وهذا ما أثر فيهم في طفولتهم وأرتبط معاهم في الكبر وعند دخول الجامعة. فيقول الباحث في شئون الإخوان الراحل حسام تمام "كانت من أثار الهزيمة أن بدأ النظام الناصري في تخفيف قبضة الامنية عن الناس فبدأت الدروس الدينة في الانتشار  ،وبزغ عدد من العلماء الذين نشطوا في هذه الفترة في أواخر السيتينات ،واستقطبت دروسهم  الجماهير وفي مقدمة هؤلاء الأمام محمد الغزالي ،ثم الشيخ سيد سابق وهم من تلاميذ الأمام حسن البنا ،وانتعشت المساجد بعد أن ارتفعت عنها القبضة الامنية أكثر حين مات الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970. فبعد انهيار الحلم الناصري في نفوس الجماهير حلت حالة من عدم اليقين بكل من له ثقة بالنظام وبدأ التفكير في كل من كان ضد جمال عبد الناصر كان على صواب وحق ،وهذه كانت بداية تعرف الشباب على جماعة الإخوان المسلمين".
واذا اسقطنا كلام الراحل حسام تمام على خيرت الشاطر سنجد أنه مطابق تماماً فقد بدأ الشاطر إشتراكياً ..مع التنظيم الطليعي وأعتقل بسبب نشاطه معهم في الجامعة عام 1968 وسجن عدة أشهر.
كان لجماعة السنة المحمدية دوراً قي هذا التوقيت حيث انها جماعة سنية سلفية إصلاحية على منهج وعقيدة أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال، والاعتقاد والاتباع، وفي مناهج السلوك والسير إلى الله جملةً وتفصيلا من خلال الدعوة إلى التوحيد الخالص ونبذ البدع والخرافات، وإحياء دعوة الإسلام بالقرآن والسنة واتباع سلف الأمة. وهنا واجه من أنضم الى جماعة أنصار السنة ،أن الجماعة ليس لها أي دور في الحياة السياسية ولذلك خروج للبحث عن شيء يجمع بين الدين والسياسة من أجل تطبيق الشريعة الاسلامية.
فقد ذكر هذا الامر الدكتور محمد حبيب في مذكراته حيث قال "التقيت روؤساء جمعية أنصار السنة المحمدية في عام 1969 ،ووجدت تفتحاً وفقهاً وعلماً ،كانوا يركزون على قضية القبور والأضرحة ،فيعتبرونها قضية القضايا ،اذ هي متصلة بقضية التوحيد ،لم يكونوا يتجزونها الى القضايا العامة البعض منهم فقط من ذوي الجذور الاخوانية كلن يتحدث في ذلك. غير أن هؤلاء ما كان يسمح لهم بأي مواقع قيادية داخل الجماعة ،لم تكن هناك مساجد امام الشباب الا مساجد أنصار السنة ومسجد الجمعية الشرعية. كان منهجهم في الدعوة غير متناسب مع طبيعتي وتركيبتي النفسية والعقلية ،فأنا كنت متشبع بفكر الإخوان وأرى في دعوتهم السبيل الصحيح الذي يمكن أن يحقق في النهاية للخلافة الراشدة التي نرجوها".
كان الشيء الملفت للنظر كثرة أعداد طالبة كلية الطب المنضمين الى جماعة الإخوان ،فقد ذكر الدكتور جهاد عودة استاذ العلوم السياسية عن احد إعضاء التنظيم محمود عزت فقال "ولد محمود عزت فى 13 أغسطس عام 1944، يبلغ من العمر 69 عاما،  وجه زجاجى ،حاد القسمات. تزوج والده على أمه فى عام 1948 ، ومن ثم طرد أمه وأخواته إلى جده  بحى السكاكينى بالعباسية، وكان الجد ذو الملامح الحادة مشوش دينيا ،وعاش الفتى هناك بلا أب وإنما فى أحضان جده العنيف، وعمل على اخفاء  ذلك كله داخل عباءة التصورات الدينية الإسلاميه المتشدده.
 فى عام 1960 أشترى والده منزلا بأحد أحياء مصر الجديدة وطالب بعودة زوجته الأولى ومعها الأولاد ليكونوا تحت رعايته بعد رفض الجد الانفاق عليهم ،  وبالفعل ذهبت الزوجة ومعها الإبن محمود عزت الذى كان رافضا بشدة سلوك والده، ومن ثم كان يتردد على منزل جده تارة ووالدته أخرى، ولما رسب فى إمتحان الثانوية العامة(التوجيهية سابقا)، وافق جده على العودة إلى منزله. بعد حصوله على الثانوية العامة فى عام 1960/1961 وهو بمنزل جده إلتحق بكلية الطب، وهناك إلتقى بآخرين من أعضاء جماعة الاخوان المحظورة .
 وفى عام 1962 إلتقى بشاب يدعى مروان حديد ،سوري الجنسية  من مدينة حلب.  كان ذلك الشاب السورى منضما للتنظيم السرى الجهادى للإخوان المسلمين(الجناح العسكرى) ، وكان من مهام عمله الرئيسه تشكيل خلية إخوانية جهادية ( أحد فروع ميليشيا الإخوان) .  وبالفعل نجح السورى فى تشكيل تنظيم عصابى يتكون من خمسة وأربعين (45) شخصا معظمهم من طلبة الجامعة من كليات مختلفة على رأسها الطب والهندسة .. وكانت كتب حسن البنا وسيد قطب هى بداية جذب الطلبة إليه، مع مصاريف جيب تعين الاعضاء على التقارب والإهتمام بمقتضيات التنظيم السرى القتالى.  وهكذا استطاع مروان حديد السورى تكوين خلية قوية متجانسة أطلق عليها : (خلية مصر الجديدة). وقبل أن يغادر السورى مروان حديد مصر إلى بلاده سوريا ، قام بتسليم الخلية إلى رئيسه فى التنظيم الإخوانى الشيخ عبد الفتاح اسماعيل ، وهو تاجر الغلال الدمياطى من محافظة دمياط  عام 1965.
أن أعضاء جماعة الاخوان كان معظمهم من شباب الجامعات وتحديدا كليات الطب والهندسة والعلوم، وهنا نذكر الدور الهام الذى لعبه محمود عزت طالب كلية طب القصر العينى فى هذه المؤامرة، وكان طلبة كليات الهندسة والعلوم مزودين بأدوات نسف المصانع والكبارى والطرق الرئيسية مما لديهم من خبرة في التعامل مع هذه الاشياء".
من المفارقة بأن يعود التيار الديني داخل الجامعات مره أخرى بعد تولى السادات رئاسة مصر  في نفس ذات الوقت الذي يدخل في عبد المنعم أبو الفتوح كلية الطب لينشىء بداخلها "الجماعة الاسلامية" فيقول الدكتور أبو الفتوح في مذكراته "في العام الذي مات  فيه عبد الناصر ،كان التحاقي بالجامعة فاكنت قد حصلت على مجموع كبير في الشهادة الثانوية ،وكانت رغبة والدي أن أصبح طبيباً فالتحقت بكلية طب القصر العيني جامعة القاهرة وأتذكر وقتها أنها كانت تخلو من أي نشاط إسلامي".
فقد لاحظ أبو الفتوح منذ دخوله الجامعة أن مجلات الحائط تنتقد الإسلام وتخوض فبه بجرأه وأن الطلاب لا يرتدون مسجد الكلية. فقد كان الدكتور محمد عبد المنعم أبو الفضل هو الأب الروحي للجماعة الاسلامية الناشئة في كلية طب بقيادة أبو الفتوح ،فقد كان الدكتور أبو الفضل مشهور بنشاطة الإسلامي فقد كان عضو في جماعة الإخوان ،فقد كان يستغل المناسبات الدينية في إقامة محاضرات ويقوم بدعوة عدد من الدعاه للحديث فيها ،وكان اذا رأي أقبال الطلاب ضعيفاً يحشد طالبات مدرسة التمريض فيها لملء المدرجات وأقام لجنة التوعية الدينة وكانت هي نواة بداية انتشار الجماعة الاسلامية داخل كلية الطب للتخطى الى خارجه . ومن هذا التوقيت وصل النشاط الديني داخل كلية الطب مداه فقد حصل على انتخابات اتحاد الطلبة وسيطر على الانشطة بداخلها ،وأصبحت الجماعة الاسلامية شيء يورث داخل كلية طب يسلمها جيل الى الأخر ،فعند تخرج أبو الفتوح من الكلية سلم قيادة الجماعة الى حلمي الجزار .
واتجه أبو الفتوح الى جماعة الإخوان بكل من تخرج معه ،بل قام بضم الجماعة الإسلامية الى جماعة الإخوان بعد أن عقد عددة جلسات مع المرشد عمرو التلميساني ،والذي قال لابو الفتوح "أنت أمل إحياء جماعة الإخوان مره أخرى". فقد كانت تضم الجماعة الإسلامية في هذا التوقيت أغلب قيادات الجماعة في الوقت الحالي فقد كان منهم "عصام العريان و حلمي الجزار  وإبراهيم الزعفراني وحامد الدفراوي". واعتبر أنضم آلاف الشباب من الجماعة الإسلامية للإخوان فضخوا دماء جديدة فيها بعدما ظلت مجمدة طوال الفترة من منتصف الستينات وحتي منتصف السبعينات نتيجة الاعتقالات الجائرة والملاحقات المتكررة.
ويفسر ذلك الدكتور محمد المنسي قنديل الدكتور والروائي "هذه مفارقه غريبة فعلاً أن يكون قوام الإخوان من هندسة وطب، فالإخوان طلبة متفوقين ويبدوا أن التنظيم له دور في هذه المسألة فالإخوان هم من يجيدون ستقبال الطلبة في الكليات وخصوصاً الطلبة القادمة من الأرياف، فكلية الطب والهندسة في ظاهراها كليات مجانيه ولكنها كليات مكلفة جداً، فهنا يظهر دور الإخوان في تقديم المساعدات من أداوات ودروس وكتب ومذكرات ومساعدات مادية واعانات شهرية ،فاذا تكلمت عن كلية الطب فهي كلية فوق طاقة الفقراء ،ويكون الفارق الإقتصادي بين الطلاب متفاوت جداً فيتدخل الإخوان بتقديم مساعدات من ملابس واشياء تساعد هؤلاء الطلاب لكي يحدث تقارب بين هؤلاء الطلبة و الإخوان داخل كلية الطب".
ويضيف ايضاً دكتور المنسي قنديل "بالإضافة الى أن كلية الطب تعتمد بشكل كبير على الحفظ وصم أجزاء كبيره من المناهج وغير مسموح لك طرح سؤال أو استفسار عن اشياء في المنهج ،فكل ما عليك هو الحفظ وتفريغ ذلك في ورقة الامتحان ،وهذا يتفق مع عقيدة الإخوان في مبدأ السمع والطاعة ،ويجعل الطلبة في حالة وافق مع الإخوان لذلك هم ينجحوا في الحشد والتنظيم ،نظراً للتربية والمواد التي خضعوا لها إثناء العملية التعليمية.
ضف على ذلك أن الإخوان لم تجند أي أشخاص وتعتليهم المراكز والقيادة فهم دائماً يبحثون عن الوجاها والتفوق ،لذلك هم قريبين دائماً من أوائل الطلبة ويسعوا الى تجنيدهم ومساعدتهم في الدراسة والتعين. ثم يبداوا بأخد النقابات فالنقابات يوجد بها الالف من الملتحقين ولكنهم غير منتظيمن ،عكس الإخواني داخل النقابة فهو مهتم ويتقدم الى الانتخابات ،فتشحد له الإخوان من الارياف و كل المدن في الانتخابات من أجل الفوز ،وكان الأمن يضيق عليهم الحصار في انقابات مما جعل لديهم خبرة في التعامل مع الإنتخابات بكل صورها".
لا يختلف حال كلية الهندسة عن كلية طب كثيراً فما يحدث بداخلها هو ما يحدث داخل كلية الهندسة كما وصفها الدكتور المنسي قنديل في كلامه ،فأنا أتذكر من تجربتي في دراسة الهندسة ما كانت تفعله أسرة الشروق التابعة الإخوان من تقديم مساعدات من توفير ملازم وملخصات و أدوات معملية ،وأدوات للورش لجميع الطلبة ،بل إحياناً كان يطلب منا المعيد داخل المعامل أن نكمل باقي ادواتنا من أسرة الشروق لانها الإفضل والأرخص ،اضف الى ذلك ان جميع المعيدين التي أحتككت بهم طوال فترة دراستي في الجامعة الى أن تخرجت وظللت على صله بيهم كانوا جيمعاً تابعين للتيار الإخواني ،وقد لاحظت عليهم أن أغلبهم كان قادماً من الريف وجميعهم من المتفوقين دراسياً ،فالواضح لنا أن التنظيم يستهدف أوائل الطلبة ويعمل عليهم من اجل إعادهم ككوادر للجماعة في المستقبل ،فقد قال لي أحمد البان الباحث في شئون الجمعات "أن التنظيم يستهدف أوائل الطلبة والمتفوقين دراسياً ومن الطبيعي أن يكونوا هؤلاء موجدين داخل كلية الطب والهندسة".
تربية ونشأة الإخوان وعقيدتهم تجعلهم يميلون الى الحفظ والعمل الأداري طوال الوقت ،فالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لم يمارس الطب إطلاقاً ولكنه فضل العمل الاداري فقد كان نقيب أطباء العرب ولجنة الاغاثة ،فالا أحد حتى الآن يعرف ما هو تخصص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الطب ؟!. فقد بحثت عنه طويلاً من قال لي أنه دكتور أمراض نساء ،ومن قال لي باطني ومن قال لي جراحة عامة ،لا أحد يعلم ما هو تخصص أبو الفتوح في الطب!.
وكذلك في الهندسة أتذكر الدكتور السيد شهاب القيادي في جماعة الإخوان وعميد كلية هندسة حلوان، كان يعطي في الكلية مادة إدارة المشروعات فقط وهي مادة نظرية تعتمد على الحفظ فقط وترك التدريس عندما تولى عمادة الكلية ،وفي إعتقادي اتجاه الإخوان الى كلية الهندسة من أجل السيطرة على الادارة والنقابات ومساعدة في أعمالهم ،فقد كان لدى رجل الإعمال حسن مالك هوس بهندسة الكمبيوتر مما جعله يدخل أربعة من أبناءه الجامعة البريطانية لدرسة هندسة الكمبيوتر.
وأذا ذكرت الهندسة لابد أن تذكر الرجل الحديدي في التنظيم خيرت الشاطر والذي تنقل بين كليات الهندسة فقد أنتقل من هندسة المنصورة الى هندسة الاسكندرية وقد ظهر في هذا التوقيت في جامعة الإسكندرية عام 1971ما يسمي ” الجماعة الدينية ” التي كان نواة تكوينها المهندس سمير أبوالنصر  والمهندس خالد داود من الإسكندرية وعادل مأمون ومحمد جمعة ومحمد أبوالناس من المنصورة لطلاب مغتربين.
فقد ذكر المهندس هيثم أبو خليل عن استغلال خيرت الشاطر لنقابة المهندسين قائلاً " بدأت سيطرة الإخوان علي النقابات المهنية فأسسا شركة سلسبيل لتنظيم المعارض وأستطاع الشاطر في الترويج لشركته الجيدة و الإستحواذ علي معارض السلع المعمرة الخاصة بالنقابات وخاصة نقابة المهندسين بعدما تم أزاحة منظم هذه المعارض وقتها المهندس هشام الحداد صاحب الشركة العربية لتنظيم المعارض والشقيق الأصغر للمهندس مدحت الحداد رئيس المكتب الإداري الحالي لإخوان الإسكندرية . وأعتبرت معارض سلع المعمرة في عام 1991 لشركة سلسبيل هي نقطة انطلاق للشاطر ومالك حيث خرج منها بأرباح تجاوزت عدة ملايين بأسعار هذه الأيام نتيجة لنسبة المرابحة العالية في هذه المعارض ، وقام بتأجير نادي المهندسين بأبوالفد امن نقابة المهندسين لمدة 10 سنوات ( وهي فترة كبيرة للغاية لمتعهد في نقابة )".
وهذا كان الطريق الذي يبدأه طالب القرى والإرياف من كتاتيب القرية الى مكتب الارشاد جماعة الإخوان.

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

الثورة التي أكفر بها احياناً.



يتسأل وينستون بطل رواية 1984 "هل كانت الحياة قبل الثورة أفضل مما عليه الآن ؟. " هذا السؤال الذي يشغل بال أغلب المصرين هل كان الوضع قبل الثورة وفي فترة مبارك أفضل ،ما نعيشه الآن ؟. أنا شخصياً أصبحت غير قادر على الاجابة على هذا السؤال فأحياناً كثيرة أشتاق الى حياتي قبل الثورة وأتمنى أن تعود مره أخرى ،رغم أن حياتي قبل الثورة لم تكن حياة شخص مهم أكتر من انها حياة شاب تافة يتسكع طوال فترة الصيف بين دور السينما من أجل مشاهدة جميع الأفلام قبل بدأ الدراسة مره اخرى ، حتى عندما انتهبت من الدراسة لم يتغير شيء .
 لقد أشتقت الى السينما فقد وصل الحال قبل الثورة أن يكون في دور العرض اكثر من 20 فيلم تقريباً ،وكم هائل من البومات الغنائية ،عكس ما يحدث الان فقد استولى السبكي وعبده موته على جميع السينما ،واستولت الاغاني الوطنية الرقيقة على سوق الكاسيت. كانت متابعة أخبار الفنانين في هذه الفترة أهم بكثير من متابعة زيارات مبارك الخارجية والداخلية ، كانت معرفة تفاصيل خناقة تامر حسني وعمرو دياب أهم بكثير من معرفة الخلاف بين جورج بوش ومبارك و لماذا قابل بوش مبارك بدون أرتداء الكرافت؟!.كان من الممكن أن تخسر صديق لك بسبب تامر أو عمرو ،ولكن لم يختلف الوضع عن ما يحدث الان ،فقد أصبحت الخناقات الان بين اغنية "تسلم الايادي" و"أغنية ثورة دي ولا إنقلاب".
كانت السياسية شيء هامشي في جلسات الاصدقاء و البيوت ونتائج الانتخابات غير مهمه ،فكانت مناقشة نتائج تصويت برنامج ستار أكاديمي و فوز محمد قماح المصري أم شذى حسون من العراق  بلقب ستار اكاديمي ،أهم بكثير من متابعة نتائج انتخابات البرلمان وكم كرسي حصدته الاخوان والمعارضة ؟.
انقلب الحال الآن أصبحت السياسية هي الشيء الاساسي في كل التجمعات سواء في القهوة أو في الميكروباص و المترو واحيانا في الحمام الصبح مع نفسي متسألاً "هل في اشتباكات النهارده في حته ولا الدنيا أمان وهلاقي مواصلات ؟." أصبح الكل خبير استراتيجي وفقيه دستوري ، يتحدث عن ما يحدث في البلاد على انه أهم عالم ببواطن الأمور ويعلم ما يدور في نفس أوباما من سوء اتجاه مصر ، أختفت الكورة من الملاعب ، بل حلت السياسية في المدرجات و انتهى الأمر بالدماء لكي تقضي على الكورة في مصر نهائي ، فقد أصبحت القهوى تملى في الماتشات الاجنبية نتيجة التعطش الى مشاهدة كورة مره أخرى.
شاهدت منذ شهر مجموعة من الاطفال تلعب في الشارع لعبة "سيسي ومرسي" وهي زي لعبة "عسكر وحرامية" اللي كنا بنلعبها زمان ،فقد دمرت السياسة طفولتهم ، أتذكر أخي الذي استغنى منذ الثورة عن جميع أغاني حماقي واليسا وكل المطربين ،ليسمع بدل منها اسكندريلا وشعر الابنودي وجمال بخيت وأمل دنقل. حتى في اختيارات الكلية قرر دخول كلية علوم سياسية بدل من هندسة أو حاسبات أو تجارة ،فقد كنت اتسأل هل يدخل هذه الكلية بدافع المرحلة التي نعيشها أم بدافع أنه يريد أن يكون استاذ في العلوم السياسية ،وهل لو جاء تنسيقة في 2010 بدلاً من 2013 كان سيختار نفس الكلية ؟.
حتى الفيسبوك الذي هو مكان للسهوكة وتضيع الوقت ، أصبح موقعة للمعارك السياسية ، اصبح تشير فديوهات المظاهرات والتعذيب يفوق عدد المرات التي تم فيها تشير فيديو كليب هيفاء وهبي الجديد بمراحل ، حتى قناة مزيكا وميلودي القنوات التي ضيعت فترة مراهقتي كلها في مشاهدة كلبات روبي وهيفاء و مريا وبوسي سمير  ونجلاء بتاعة الحصان ،وحلت مكانها قناة الجزيرة والعربية والبي بي سي واحياناً السي أن أن.
تنتابني حالة من القيىء وأنا أسير في الشوارع وأرى الشخبطة اللي على كل الحيطان من نوعية "أرحل" ، "خاين" ، "ثورة" ، "إنقلاب" ، "بتنجان" ، "مبروك الدهان الجديد" ،واتمنى في سري أن يصدر قرار بقطع أيد كل من يكتب على الحيطة بداية من مدرسين المراكز الخصوصية بتاعة "العسكري للتاريخ" ،نهاية بـ "اللي يحب مصر ميخربش مصر" .حالة أخرى من القيىء ووجع البطن كانت تأتي عندما أرى مرسي يخطب أو ياسر برهامي على التليفزيون أو عبود الزمر بيحتقل بنصر أكتوبر وهو الذي قتل الرجل الذي حقق الانتصار.
فقد اصبحنا نعيش في حالة من التلكيك على بعض و كل واحد يتهم الأخر بأنت فلول وثوري وكنباوي واخواني وسلفي وجهادي ،وهناك أناس أخرى كلت عيش كتير على قفة الثورة من أغاني وفيديوهات وخبراء استراتيجين واقتصادين ،فقد تحولت لقنوات الترفيه الى قنوات سياسية ،وأصبح الماتش الذي كان يستغرق 90 دقيقية ويحلله كابتن مدحت شلبي في 3 أيام ، هو نفسه الماتش ولكن يكون خطاب أو تصريح أو قانون يقال في دقيقتين ولكنه يحلل في 40 يوم ، فقد أصبح برنامج مساء الانوار يذاع يومياً على جميع القنوات . وأصبح كل من لديه وقت فراغ وكان يسير وقت الحظر تحت قناة تليفزيونيه أن يحل ضيفاً عليها ويطرش علينا أفكاره الجهبزيه في الخروج من الازمة السياسية والعودة الى ماريا العب العب العب اه يا سيدي.
أصبح كل من يتجول في الشارع ويسير من ميدان عبد المنعم رياض الى التحرير ثائر ،ومن يسير من مكرم عبيد لرابعة بطل قومي ، وأصبح أهل تويت عباقرة الزمان وهم من يضعون سياسة البلد عن طريقة تويتاية لا تتعدى 140 حرف ،وعلى المتابعين أن يضعوا لسنهم جوا بقهم ويرضوا بما يهري به هؤلاء.
كل هذا الكره الذي أحمله يتلاشى في ثواني عندما أشهد مشهد من فيلم "بنتين من مصر " أو اتذكر ما كان يحدث في البلد من جميع المشاهد ، أذا كنت وصلت الى هذه الحاله استرجع بعض مما كان يحدث قبل 25 ،وسأل نفسك سؤال ونيستون هل كانت الحياة قبل الثورة أفضل ؟!.